د. قذلة القحطاني : وأفل النجم

( وأفل النجم ) .. جبر الله قلوبنا في فراقك يا ابن جبرين

 

أفل نجم العلم ، وترجل الفارس وأناخ المطايا .. إمامنا وشيخنا العلامة سماحة الشيخ د./ الشيخ عبدالله بن جبرين .. بعد عمر طويل قضاه في الكفاح ، فقد جعل حياته وقفا لله .

والمتتبع لبرنامجه اليومي يعلم كيف كان العلامة ا بن جبرين رحمه الله يبذل لهذا الدين من الدعوة إلى الله، ونشر العلم والتعلم .. والحديث عن هذا الشيخ يطول ولعل لهذا الشأن ذريته وطلبته من الرجال الذين لازموه وعاشوا معه والذين ننتظر منهم أن يخرجوا لنا دقائق حياة هذا العالم من حيث نشأته وعبادته وزهده وطلبه للعلم .. أما ما يمكن أن أدلي به فهو منهجه في التعليم حيث لازمت دروسه في جامع الراجحي لفترة طويلة رحمه الله . وقبل بيانه منهجه أشير إلى بعض ما يتميز به – رحمه الله – من أمور منها :

1) سعة علمه : فقد كان رحمه الله موسوعة علمية في الفقه و التوحيد والحديث والتفسير وسائر العلوم ويلمس ذلك من يحضر دروسه فقد كان رحمه الله يتكلم للساعات الطويلة دون تردد أو تلعثم ويسرد ا لأدلة والنصوص عن ظهر قلب.

2) حسن خلقه وتواضعه رحمه الله وقربه من الطلاب ومن الناس جميعا، وخصوصا الشباب فهو قريب من الشباب ويناقشهم ويوجههم لما فيه الخير والصلاح .

3) التزامه بالحضور والمواظبة على الدرس فلا أذكر أنه تخلف عن الدرس الأسبوعي في جامع الراجحي مع أنه استمر في شرح الكتب لسنوات وكان يأتي من مكان بعيد ومع ذلك لا يفارق مجلسه كل سبت رحمه الله ورفع منزلته.

وبعد هذه المقدمة أشير إلى منهجه رحمه الله:

1) الاعتماد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهما المرجع له ومنها يستنبط الأحكام في سائر أقواله واجتهاداته .

2) عدم التعصب في مسائل الخلاف والالتزام بأدب الخلاف فكان يعرض المسائل بأدلتها بكل تجرد ولم يكن يتوسع في ذلك ، ثم يشير إلى القول الراجح بأدلته ولم يكن يتعصب للمذهب الحنبلي الذي كان يدرس أغلب متونه بل كان اعتماده على الدليل وهذا منهجه في دروسه وفتاويه .

3) أسلوبه في إلقاء المادة العلمية :

حيث يكلف أحد الطلبة بقراءة المتن حتى ينتهي ثم يشرع في الشرح والتوضيح ويبسط القول دون ملل وكأنه مطرا مدرارا ، لا يقف ولا يتساءل!! بشكل متأنٍ ومركز يتعجب له سامعه مع سلامة اللغة وفهمه لها وعدم التكلف في الكلام .

4) موقفه من أهل البدع :

كان رحمه الله قويا في إنكار البدع وجريئا في ذلك فلم تكن تأخذه في الحق لومة لائم.. وكان شديدا على الرافضة وله أقوال قوية في إدانتهم والرد عليهم، ولهذا عادوه وكادوا له فحفظه الله وتولاه ولله الحمد والمنة.

5) سلامة الدين والمعتقد:

فقد كان رحمه الله نموذجا لعقيدة السلف الصالح، والتمسك بالعقيدة الصحيحة ونبذ البدع، والرد على المخالفين بالمنهج العلمي والدليل الشرعي والحجة القوية.

6) موقفه من خصومه وحساده :

تعرض الشيخ لكثير من الأذى من حساده وخصومه ولم يكن رحمه الله يشتغل بهم ويجادلهم بل كان مشغولا بالدعوة والتعليم ونشر العلم والخير .

انتشرت دعوة العلامة ابن جبرين رحمه الله وبلغت دروسه أسبوعيا حوالي ( 67 ) درسا !! ولم يقتصر على الدروس في المساجد والمؤسسات الخيرية والملتقيات بل امتدت لتشمل الإذاعة والمجلات والشريط والقنوات الإعلامية والأنترنت وله موقع رسمي يبث من خلاله الدروس والمحاضرات.

وكذلك شارك في الدعوة إلى الله في سائر مناطق المملكة وقراها. وكنت أسمع صوته عندما يأتي في الصيف لأبها للنزهة والترويح فيقضيها في التعليم والدورات وإلقاء الدروس التي كانت تقام له من بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر وبعد المغرب والعشاء رحمه الله ورفع منزلته . ولقد رأيته قبل موته بأكثر من شهرين في المنام بأنه قد مات فسمعت من يقول: (إنه لم يمت) .

وهذا الواقع فقد مات ولكنه لم يمت فهذه دروسه تلقى والناس يصلون عليه!! وهذا تأويل رؤياي من قبل رحمك الله ياشيخنا كنا ننتظر موعد الدورة الصيفية التي تشارك فيها في إطلالة كل عام والتي وزعت إعلاناتها . فقد فارقنا ذلك الشهم الجبل وذلك الصوت الندي الشجي المميز بتلك النبرة المحببة إلى نفوسنا والتي جعل الله لها القبول والتأثير . ولكن لا نملك إلا القول : إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا ابن جبرين لمحزونون . وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها .

ــــــــــــــــــــــ

مديرة مكتب الدعوة والإرشاد بالسلي (القسم النسائي) 

 

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال