مجلة طاب الخاطر

 

 

الحمد لله الدائم بره ، النافذ أمره ، الغالب قهره ، الواجب حمده وشكره ، وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الملك والتدبير، جلَّ ذكره، وإليه يُرجع الأمر كله، علانيته وسره، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه وهو على كل شيء قدير، سبحانه وبحمده جعل لكل أجلِّ كتاباً، وللمنايا آجالاً وأسباباً، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، الهادي البشير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحابته الأخيار، ما جن ليل وبزغ نهار، وسلَّم تسليماً كثيراً.

الحمد لله القائل { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا }

قال عطاء - رحمه الله تعالى - في معنى نقصها: هو ذهاب فقهائها وخيار أهلها.

والصلاة والسلام على القائل { إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً؛ اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا }

إن موت العلماء خطب جلل تتشنف له المسامع، بل تذرف له المدامع؛ لأن بموتهم تطوى صفحات لامعة، وسجلات ناصعة، من خصال الخير المتكاثرة، فرحيل العلماء ثلمة لا تسد، ومصيبة لا تحد، وفجيعة لا تنسى، فموت العالم معناه انهيار الأمة وتهدم لبنيان أقوام وحضارات أمم.

ولقد أخبر حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا [الرعد:41] قال: [[ بموت علمائها وفقهائها ]].

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [[عليكم بالعلم قبل أن يُقبض، وقبضه ذهاب أهله ]].

وقال الحسن رحمه الله: "موت العالم ثلمة في الإسلام، لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".

وقيل لـسعيد بن جبير رحمه الله: "ما علامة الساعة وهلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم".

بالأمس القريب فقد العالم والعلم رجل من رجاله وأسد من أسود العقيدة نحسبه من أهل الخير والصلاح والعلم ولا نزكي على الله أحد فقدنا الشيخ الجليل عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .

 

وحسبكم يا عباد الله في بيان فداحة هذا الخطب، وعظيم مقدار هذه النازلة الحديث السابق وكما صح عند أحمد وغيره من حديث أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إنما مثل العلماء كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة }

العالم للأمة بدرها الساري، وسلسالها الجاري، لا سيما أئمة الدين، وعلماء الشريعة؛ ولذلك كان فقدهم من أعظم الرزايا، والبلية بموتهم من أعظم البلايا، وأنَّى للمدلجين في دياجير الظلمات أن يهتدوا إذا انطمست النجوم المضيئة ..

لعمرك مالرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر يمــوت بمــوته خــلق كثير

 

إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، وإنا على فراقك ياشيخ عبدالله بن جبرين لمحزونون ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا : إنا لله وإنا إليه راجعون ......... اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها .

لقد كان رحمه الله العالم العابد العامل ، صاحب الأيادي البيضاء ، والشفعات الحسناء ، الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ( نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا ) .

وقد كانت له جهود يعرفها الكثير من إلقاء المحاضرات والدروس والكلمات حتى أنه كان له درس يومي في مسجده وأكثر من أربعين درسا اسبوعيا .

هو الموت ما منه ملاذ ومهرب .... متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب

لئن مات الشيخ وفارق هذه الدنيا الفانية فقد أبقى بعده ذكرا حسنا وعملاً راسخاً .

 

إذا مــــا مات ذو علم وتقـوى .... فقد ثلمت مــن الإســلام ثُلمة
وموت الحاكم العـــدل المولى .... بحكم الأرض منقصـة ونقمة
وموت الفارس الضرغام هدم .... فكم شهدت له بالنصر عزمة
وموت فتىً كثير الجـود محل .... فإن بقـــاءه خصـــب ونعمـة
وموت العــــابد القـــوام لــيلا .... يناجـي ربـه في كـــل ظلمــة
فحسـبك خمســـة يبكى عليهم .... وباقـي الناس تخفيف ورحمة
وباقي النــاس في تيــه ولهـو .... وفـي إيجـــاد هـــم لله حكمــة

 

http://tabalkhater.barzan.ws/

 

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال