عبدالله عبدالعزيز العجلان : وليس اسمه الا اشتقاق من النصر

سهام المنايا لا تـتوب من الغدر
أصابت كريم النفس فاستقبل الردى
يقولون صدر الشيخ ضاق تنفسا
وما ضاق إلا أنه في فراشه
رأيت الأطبا حوله قد تنازعوا 
ولكن در البحر ليس يحوشه
وما كل من يبغي مرادا يناله
سألت فؤاد الصبر ما الصبر يا فتى؟
دواء بني الدنيا حبوب وإبرة
وما ضعف جسم الشيخ سقم وعلة
شرايينه لا تنقل الدم وحده
وما داء صدر الشيخ ضيق تنفس
وما السقم سقم الجسم فالجسم جثة
أطالت جلوسا فيه أسقامه ولا
وأسقام أهل الأرض غارت لسقمه
لتشفي وعك النفس منها بوعكه
وما ازداد سقما حاله وانتكاسة
وحف فراش الموت طهر ملائك
فلما أحست فرشه بارتحاله
كأني بعزرائيل يوم وفاته
ولما أتاه النزع صاح تعجبا
وليس ارتفاع الصدر من نزع روحه
ومات ولم يبرد من الموت جسمه
ألا  ليت شعري هل يغسل مثله
وما غسلوه في اتساخ بجسمه
ولولا بأن الغسل فرض محتم
وتَغسل أيديهم أصابع كفه
أعاجيب ميت يغسل الحي بالنقا
لإن كان تكفين الأنام بخرقة
وإن حمل الناس الإمام بنعشه
لعمري ما صلى الأناسي وحدهم 
وما دفنوا من شيخنا غير جسمه
أجاب ملاكَ الموت قبل سؤاله
رأيت قبور الأرض تحسد قبره
ولولا بأن الدفن في الترب واجب
حوى القبر بالأخلاق حتى كأنه 
لقد مات من تخشى الرماح حياته
ومن خلقه ما شاء يبغت أهله
هنيئا لإبليس اللعين وفاته
وذلك فخر  للإمام وعزة
وما مات حتى مات خط يراعه
له النصر قبل الموت والنصر بعده
وإن أمطرت سحب السماء بقطرها
ومن أبصر الأشجار مالت غصونها
سينعى كتاب النحو من فك رمزه
سيرثي كتاب الفقه من حل سؤله
سيبكيه كل العلم من عهد آدم
يمر بقبر الشيخ من هو صائم
وما مات من أحيا شعوبا بقوله
وما الموت إلا موت من قل دينه

 

وهل سلم المختار من رمية الظهر
كما كان قبل الموت مستقبل الفقر
فقلت كذبتم كيف وهو على ذكر
ولم يقم الدرس الطويل من الفجر
تنازع غواصين من صاحب الدر
رويعي أغنام يهيم على البر
فبعض سهام الصيد ترجع بالكسر
فقال كصبر الشيخ أو ليس بالصبر
وليس يداويه سوى سورة الحشر
ولكن لين الطبع في دمه يجري
بل الخير منقول إلى جلدة الظفر
ولكن زحام الذكر لله والشكر
بل السقم سقم الروح بوابة الشر
رأت منه إلا الضيف يكرم بالبشر
تمنت جلوسا فيه يوما من العمر
فأحيانا الأمراض من بعضها تبري
ولكنه قد زاد زهدا من الدهر
إذا حف أهل الملك غيد من القصر
بكته بدمع صامت ليس بالجهر
تردد في نزع الطهور من الطهر
وقال أهذي الروح أم كوكب دري؟
ولكنه شوق للقياً بذي القدر
فقد كان قبل الموت يقرأ في الحر
فلن يجدو فيه سوى لمعة البدر
ولكنهم يرجون سهما من الأجر
لما غسلوه بالمياه وبالسدر
فتُغسلُ أيديهم من البطش والشر
ليصبح هذا الحي من ثلة الخير
فقد كفن الشيخ المعظم بالبر
فقد كان قدما يحمل الناس بالفكر
عليه ولكن جنة البر والبحر
وآثاره في الناس تلمع كالبدر
من الرب ؟ قال الله من حبه صدري
وكل يناديه تعال إلى قبري
لجل إمام المسلمين عن الحفر
هو القبر والقبر الإمام وذو الفخر
وتخشاه غربان تناعق بالوزر
بموت فجائي وهون في الأمر
وليس سواه من يهنأ بالخسر
بأن المهنى فيه رمز على الكفر
من الرسم والأقلام جفت من الحبر
وليس اسمه إلا اشتقاق من النصر
فتلك دموع الحزن تبكي على الفجر
فتلك تحيات الغصون إلى الحبر
ويبكيه باب الرفع والنصب والجر
وينعاه باب الصوم والحج والنذر
من الفقه والتوحيد والنحو والشعر
فيشغله مسح الدموع عن الفطر
وما مات من ماتت به صفة الكبر
وما العيش إلا عيش من قام بالوتر


أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال