كاتب الفتاوى يروي فصولا من حياة الشيخ

بنبرة خالطها الحزن روى لنا أحمد حسين ــ كاتب الفتاوى في مكتب الشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله ــ أن الشيخ لم يكن ليرد أحدا في أي مسألة سواء المحتاجين أو طلبة العلم دون تمييز، واستحضر موقفا للشيخ في أحد مجالس الفتوى التي كان يعقدها في مكتبه، حيث كانت هناك مسألة طلاق فأرجأ السائل حتى يفرغ عدد من المستفتين من المجلس، واصطحبه إلى المجلس الخاص حفاظا على سرية المسألة، ثم بدأ السائل بعرض السؤال لكن الشيخ رفض إعطاء أي حكم في المسألة دون الاستماع إلى زوجته، وعندما سأله عنها أجاب السائل: بأنها في السيارة خارج المكتب ولما أراد السائل أن يخرج ليحضرها إلى المجلس بادر الشيخ بالخروج معه إلى السيارة حيث المرأة، وسألها الشيخ عن أقوالها واستوضح منها بنفسه، وأضاف أحمد: كان هذا دأب الشيخ ــ رحمه الله ــ في مثل هذه المسائل أن يستمع إلى طرفي القضية وألا يكلف على المرأة بالحضور بل يذهب إليها مع زوجها ليستوضح منها ويأخذ أقوالها في القضية.
وتابع القول: كان مكتب الشيخ القديم وتحديدا قبل عام 1421هـ عبارة عن ملحق في منزله، وكان الشيخ يمكث فيه ليلا ليقرأ الكتب ويرد على الاتصالات التي ترد إليه ومع ذلك فإن صلاة الفجر لا تفوته، ونجده لا يفارق الصف الأول في جماعة المسجد، وكان لديه درس بعد صلاة الفجر، وفي إحدى المرات جئت على عادتي إلى الدوام في تمام الساعة الثامنة لأرى الشيخ واقفا على باب المكتب مع جمع من طلبة العلم يستفتونه ويجيب عليهم، ثم يتناول بعد ذلك طعام الإفطار ثم يقضي حاجياته، وينظر في أحوال الناس واحتياجاتهم وطلباتهم، حيث أنه كان يخصص وقتا لتلقي المساعدات والاحتياجات، ولم يكن يفرق في قضاء حوائج الناس سواء شفاعة أو تسديد دين أو نحوه بين أقاربه أو غيرهم.
ويستطرد أحمد: بعد صلاة العصر كان مجلس الشيخ ــ يرحمه الله ــ يكتظ بجمع كبير من طلبة العلم والسائلين والمحتاجين على تعدد طلباتهم، ويلبي الشيخ طلباتهم جميعا ويحرص على مساعدتهم.
ووصف كاتب الفتاوى في مكتب الشيخ ابن جبرين ــ يرحمه الله ــ تعامل الشيخ بأنه متواضع جدا وأنه من شدة حرصه على الالتقاء بطلابه وعدم الانقطاع عنهم كان يعتذر عن حضور مناسبات وعزائم كبار المسؤولين؛ ليوفر وقته لطلابه بأي وسيلة كانت.
وقال: كان للشيخ دروس علمية ودورات في فصل الصيف لمدة شهر، حيث أن هناك درسا بعد الفجر وآخر بعد صلاة الظهر وكذلك بعد المغرب والعشاء وقد خفف أبناء الشيخ برنامج هذا الجدول فألغي درس الظهر، وكان حينها يشرح 14 كتابا خلال أسبوع واحد هذا غير المحاضرات والدروس العلمية داخل المملكة وخارجها، وكان لديه درس ثابت بعد صلاة الظهر من يوم الثلاثاء في عتيقة في الرياض بالإضافة إلى جولاته الدعوية والعلمية في الطائف وجدة ومكة المكرمة وجازان ونجران وتبوك والدمام وحائل وشقراء وينبع والقصيم وعدد من القرى والهجر.
وأفاد أحمد حسين أن الشيخ كان يقضي فترة ثلاثة أشهر خارج الرياض صيفا، وكان يستقل سيارة من نوع لينكون طراز 92، ولا يتخذ الطائرة وسيلة للتنقل نظرا لتقارب المسافات بين المدن التي يذهب إليها الشيخ، وأنه يعد ركوب الطائرة في هذه الحالة من الإسراف.
وذكر كاتب الفتاوى في مكتب الشيخ ابن جبرين ــ يرحمه الله ــ موقفا طريفا حصل له مع الشيخ عندما كان الشيخ يسأل عن السائق الذي تأخر عن موعد مجيئه لإيصال الشيخ إلى أحد المساجد لإلقاء الدروس، وقال: طلبت من الشيخ أن يركب معي لأوصله إلى المسجد مع أن سيارتي قديمة وهي من نوع مرسيدس 84، وكان الجو حارا حينها فلم يتردد الشيخ في الركوب معي وأوصلته إلى مبتغاه.
وهناك موقف آخر عندما كان أحد موظفي مكتب الشيخ حديثا وكان لم يعتد بعد على صوته، وكان هاتف المكتب موصولا بسكن ذلك الموظف، إذ بشخص يتصل على الهاتف ويقول: «ممكن تجي شوي» لكن الموظف سأله من أنت، فأجاب «عبد الله» ولما توجه إلى المكتب ليرى من المتصل وجد الشيخ واقفا مبتسما ينتظره أمام المكتب.
وأوضح أن الشيخ كان يمشي على الأقدام إلى مسجده إذا تأخر سائقه، ولا يحب أن يشق على من معه.


http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2009...B1%D9%8A%D9%86

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال