فرحان بن سميح العنزي : أحقًا مات ابن جبرين؟

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

غالبا ما يهون وقع مصيبة فقد الأحباب توقع حصول هذه المصيبة والدخول في مقدماتها. والإنسان الذي لديه شخص كبير في السن يعاني من أمراض مختلفة لا يحزن لفقده كما يحزن لفقد قريب له مات فجأة أو بدون مقدمات.

وهذا الكلام إنما ينطبق على عامة الناس الذين لا أثر لهم في الحياة يذكر.

ولقد بلغ سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين- رحمه الله- عمرا طويلا وعانى من مرض عضال ودخل في غيبوبة لمدة أشهر، ومع ذلك كله فقد كان وقع موته عظيما على من عرف منزلة مثله.

إن فقد الشيخ - رحمه الله- لا يدرك خطره إلا من عرف أن هؤلاء العلماء هم أمنة للأمة فإذا ذهبوا أتى الأمة ما توعد.

ولقد قال بعض السلف في تفسير قوله تعالى  ( :أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد 41، أن المقصود بنقص الأرض هنا هو موت العلماء.

إن فقد مثل الشيخ ابن جبرين رحمه الله هو بمثابة دفن لجزء من ميراث النبوة الذي لا يوجد إلا عند مثله (وإن العلماء ورثة الأنبياء).

إن فقد أمثال الشيخ ابن جبرين رحمه الله هو بداية لفتح باب عظيم من أبواب الضلال حيث يقبض العلم ويتخذ الناس رؤوسا  جهالا يفتون الناس بغير علم. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا). ‌ 

لعمرك ما الرزية فقد مال   ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية موت شيــخ    يموت بموته خلق كثير

إننا- والله- لا نحزن على فقد الشيخ بقدر ما نحزن على فقد قلوب لم تقدر وجود أمثال هذه الجبال الشم حق قدرها وإلا فإنا نعلم- بحسن ظننا بربنا وشهادة نبينا عليه الصلاة والسلام- أن ما عند الله خير للشيخ، كيف وقد بذل الشيخ رحمة الله عمره معلما للخير داعيا لعقيدة السلف آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وكيف وقد شهد له البعيد والقريب بالخيرية وقد قال صلى الله عليه وسلم (أنتم شهداء الله في أرضه).

أخيراً أيها الإخوة أقول لكم إن الميت هو ميت الأحياء الذي وجوده كعدمه أو وجوده شر من عدمه:
ليس من مات فاستراح بميت     إنما الميت ميت الأحياء

إن ما نشر الشيخ رحمه الله من علم يجعله حيا حاضرا بينا ومن فاته شخص الشيخ  فلا يفتونه علمه، وإن لدينا من العلماء الأحياء من هم في مصاف الشيخ رحمه الله فهل سننتظر حتى تطوى أعمارهم ويكون قصارى ما نملك هو التحسر والتفجع. أتمنى أن لا.


اللهم اغفر لشيخنا ابن جبرين وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين اللهم افسح له في قبره ونور له فيه.

والســــلام

 

الكاتب/ فرحان بن سميح العنزي


لجينيات http://174.120.81.100/index.php?action=showMaqal&id=8920  

 

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال