عَـرفتُ الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ـ رحمهالله ـ وعمري آنذاك خمس سنين في مسجد قريب من منزلنا في حي دخنه بالرياض , وقد لمستبعفويّـتي وطفولتي سماحة ذلك الرجل وطيبة قلبه وبسمته وحنوه وصفاء نفسه ومراعاته ليولأمثالي من صغار السن , فلم نره ينهرنا ولا يغلظ علينا , بل نجده دائما حين يشاهدمن الواحد منا عبثاً طفولياً يعالجه بأسلوب محبب للنفس فهمت بعد ذلك أنه اسلوب نبويكريم, وقد كان له مع ذلك هيبة في قلوبنا لكنها هيبة ممزوجة بحبه وتقديره فقد نال ـرحمه الله ـ من قلوبنا الصغيرة والغضة التي لا تعرف المجاملة أو النفاق من الحبأغلاه ومن السكن أن سكن في سويدائها وماذا بعد سويداء القلب.
وبعد سنين مرت من عمري تتابعت معرفتي بالشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله ـ من خلال سكنيفي ذات الحي الذي يسكن فيه فعرفت جوانب جديدة من حياته وصفاته الشخصية وانجازاتهالعلمية , وتجدد لي بل وتأكد ما حفظته ذاكرتي منذ الطفولة عنه , فالرجل هو هوبسماحته وطيبة قلبه وبسمته وحنوه وصفاء نفسه غير أنني لمست ما يتمتع به من ثقة ولاةأمرنا ـ أيدهم الله ـ وما يتمتع به أيضا من صبر وجلد في طلب العلم وتعليمه للناس وكذلك عرفت تواضعه وحكمته وحنكته وبذله للناس و خصوصا قضاؤه لحوائجهم , كما أنه ـرحمه الله ـ وقاف على الحق متى تبين له رجع اليه , لين الجانب لا يقتص لنفسه ولاينتصر لها , عاف كاف لا يتطلع للدنيا ولا زينتها , يصدع بالحق , فتاواه محل ثقةوتقدير , وعلمه علم غزير نفع الله به أهل السنة والجماعة وفضح به أهل الزيغ والفسادوالعناد والضلال المبين.
هاهو ـ رحمه الله ـ يلقى ربه بعدمعاناة مع المرض لم يعرف خلالها إلا صابراً محتسباً تألم لألمه ووقف معه ودعا له كلمحب لهذا الدين العظيم فزاره ولي أمرنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين ملك القلوبالملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ أيده الله ـ فأطمأن عليه ووجه ـ جزاه اللهخيرا ـ ببذل كل ما يمكن بذله في سبيل استعادة الشيخ صحته ولقيت وفاة الشيخ أيضاصدىً كبيراً واهتماماً لدى ولاة أمرنا حيث نعاه الديوان الملكي ببيان أصدره , كماتقدم الصلاة عليه سمو نائب أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سطام بنعبدالعزيز وهذا كله ليس بمستغرب على ولاة أمرنا ـ وعلى مملكتنا الغالية المملكةالعربية السعودية , أما على صعيد التفاعل الشعبي مع فضيلة شيخنا في مرحلة مرضهوتلتها وفاته فالوصف تعجز عنه كلماتي ولا أجد أدل على ذلك من الزائرين له وهو علىسرير مرضه , ولا تلك الأعداد الهائلة من المصلين والمشيعين له وهو على نعشه حتى أنشوارع الرياض التي تصل ما بين جامع الإمام تركي بن عبدالله ومقبرة العود حيث ووريَجثمانه الثرى ضاقت بما رحبت ناهيك عن ملايين من الناس حال بينهم وبين المشاركة فيتشييع جنازته ما حال من الشواغل والموانع!!.
وماذا بعد؟؟!! , مات العالم الجهبذ صاحب السيرة العطرة والخصال النضرة شيخنا الشيخ عبدالله بنعبدالرحمن الجبرين ـ رحمه الله ـ وسؤالي ماذا بعد الحزن والبكاء؟! , ماذا بعد ذكرمآثره ومناقبه ؟! , ماذا بعد تخليد ذكراه بمقال أو قصيدة أو برنامج وثائقي ؟! , ماذا بعد ذلك كله ؟!,أجد أن بعد ذلك كله يجب أن تأتي الخطوات العملية الخطوات التيستـُبقي الشيخ حياً موجوداَ بيننا بل وبين الأجيال القادمة من بعدنا تلك الخطوات هيحفظ علمه بالصوت والصورة والكتابة وذلك من خلال إنشاء مؤسسة علمية إعلامية ثقافيةيكون لها عدد من المناشط من أهمها أن يكون لفضيلة شيخنا موقع على شبكة الإنترنتوذلك من خلال تطوير وتحديث موقعه الحالي بصفة دورية ليواكب كل جديد في مجال هذهالتقنية العالمية المذهلة والنافعة متى ما تم توجيهها الوجة الحسنة و تقوم تلكالمؤسسة أيضا بأخراج نتاج شيخنا العلمي من خلال الشريط و( السي دي ) السمعي والمرئيوكذلك من خلال الكتاب وكذلك من خلال ترجمة كل نتاجه الى لغات العالم الى غير ذلكمن المناشط الأخرى!!.
رحم الله شيخنا الفقير الى ربه عبدالله بنعبدالرحمن الجبرين وجزاه عنا خير الجزاء وختاما إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولانقول إلا ما يرضي الرب. وإنا على فراقك يا سخنا لمحزونون.
أضف تعليق