الشيخ توفيق الصائغ : ابن جبرين حلقة من مسلسل الثلم

هو الموت ما منه مفرٌ ومهرب

متى حُطّ ذا عن نعشه ذاك يركب

بهذه الأبيات نعى العلامة ابن جبرين العلامة بكر أبو زيد

واليوم نردد ذات الأبيات في فقد العلامة ابن جبرين .. أي داهيةٍ ألمّت فأوجعت ، وأي مصيبةٍ نزلت فآلمت ..

هــي الهـواتــفُ تأتيـنــي فتُبْكــينــي

وسابـلُ الدمْــع بالأحـزان يُضنينــي

أنَّ الكبيرَ كبيـــرَ النَّـــاس ودّعـنــــا

وغيــَّبَ القبــرُ جثمــانَ بن جبريــنِ .

أما من هذا الموت مستثنى ؟

( إنك ميت وإنهم ميتون ) ، ( كل من عليها فان ) ، ( كلّ نفس ذائقة الموت )

مات صوته الحنون ، وعلمه الهتون ، وتواضعه الجمّ ، وزهده .. آه يالزهده ، كان - رحمه الله - مع الناس وللناس وكالناس ، يسكن حيث يسكنون .. يدرس ويؤسس ، ويعلّم ويفهم ، ويشرح ويشفع .. لا يكلّ ولا يملّ .. يجوب مناطق المملكة ويذرعها طولاً وعرضاً ، من درسٍ لدرس ، ومن محاضرةٍ لمثلها .. يتعب تلاميذه ولايزداد هو إلاّ نشاطاً ، شاب مفرقه ورقّ عظمه وهو لا يفتر عن العبادة ، والدعوة ، والعلم ، والتربية .. لم يترك الحج أبداً .

إيه يابن جبرين ..أنت ممن يبكى عليهم ..

إذا ما مات ذو علمٍ وتقوى

فقد ثلمت من الإسلام ثُلمة
وموت الحاكم العدل المولى

بحكم الأرض منقصةٌ ونقمة
وموت الفارس الضرغام هدمٌ

فكم شهدت له بالنصرعزمة
وموت فتىً كثير الجود محلٌ

فإن بقاءه خصبٌ ونعمة
وموت العابد القوّام ليلاً

يناجي ربه في كل ظلمة
فحسبك خمسةٌ يبكى عليهم

وباقي الناس تخفيفٌ ورحمة
وباقيالناس في تيهٍ ولهو

وفي إيجادهم لله حكمة .

إيه يا ابن جبرين كم لك من منقبةٍ يعزّ على العادّ عدها ..

لو لم تكنْ فيه آياتٌ مبيِّنة

لكان منظرُهُ ينبيك بالخبرِ

فقد العالم مصيبة للأمة لأنه بفقدهم يثلم الدين ثلماً لا يسده إلاّ أن يخلفه الله خلفاً.

سنة ماضية .. أرحام تدفع وأرض تبلع ولكن :

طوبى لمن خلّد اسمه في سجل العظماء ، وفي سفر النبلاء ، وصدق القائل : (إذا أنت لم تُضِف شيئاً على العالم فأنت شئٌ مضافٌ عليه ).

المُعتبِر من فَقدِ العلماء هو من ينتفع بموعظةِ فقدهم فيشمّر للسَير على منوالهم لا أن يكون مجرد همه التباكي عليهم.. فما يجدي البكاء، بل وما يجدي العويل؟

العلماء أئمة هدى ، ومصابيح دجى ، ومنارات يهتدى بهم ، فإن لم تكن عالماً فكن أخاً للعلم ، وليس أخو علمٍ كمن هو جاهلُ ، ولا تكن الثالثة فتهلك .

     واجب العلماء علينا الترحم عليهم ، والدعاء لهم فكم لهم في أعناقنا من حق ، وكم لهم من فضل .

اللهم اغفر لهم وارحمهم وارفع في عليين درجاتهم .. إنك جواد كريم .

 

موقع الشيخ توفيق الصائغ

http://www.alsayeg.com/pages/Articles/Details.aspx?ID=9

 

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال