خالد بن علي الحيان : من للدورات العلمية بعد ابن جبرين؟!

إن من آثار سماحة الإمام عبدالله بن جبرين - رحمه الله - دروسه التي فيها من الفائدة والعلمية العظيمة الشيء الكثير، ولما كان الشيخ يقصد بطلب العلم وخاصة في الإجازة الصيفية فقد أنشئت له أول دورة علمية صيفية باسمه مدتها شهر في الجامع القريب من منزله، وكان انطلاقها في فجر يوم الأحد الموافق 25-4-1425هـ، وقد أنشأ سكناً خاصاً بالتلاميذ الذين وفدوا من خارج الرياض، ثم لم تزل هذه الدورة تقام كل عام في فصل الصيف إلا في عام 1430هـ ورتب على حضورها شهادات علمية، كما أن الكتب المقررة في الدورة توزع مجاناً.
وقد كانت الدورة تنقل عن طريق شبكة الإنترنت، وفي اليوم الثاني من الدورة أتت قناة المجد لتصويرها وتسجيلها، والعجيب أنه أثناء إقامة دورته المذكورة ربما كان له شاركة بزمن معين في دورة أخرى في أحد المساجد القريبة، وبعد الانتهاء من دورته العلمية ينتقل إلى الدورات العلمية التي خارج منطقة الرياض مدة فصل الصيف، وحين التأمل في جدول الدورة نجد دقته في اختيار متون الكتب المقررة في الدورة، وشمولية الشرح والإيضاح، ونسبة القول لقائله وخاصة في الفقه، وربما عرج وأشار إلى اختيارات الشيخين (الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبدالعزيز بن باز، كل هذا باستيعاب ما في المسألة من فوائد وشواهد شعرية ومواقف ولطائف وقصص قديمة وحديثة ونحو ذلك، وإن كان في المسألة بعض الغرابة والشذوذ ذكر ذلك ونسبه إلى قائله ورد عليه، وعلى مدى تلك الدورات فقد أنهى الشيخ العديد من المتون العلمية المقررة، إذ كانت دورته على فترتين صباحية ومسائية ولربما بدأ الشيخ درسه بعد المغرب ولم ينته إلا الساعة العاشرة والنصف، ومما هو حري أن يسجل هنا، كما أنه يؤيد مسألة أن الشيخ يقصد، ففي أحد أيام تلك الدورات الموافق يوم الثلاثاء 12- 2-1426هـ أتى أحد الإخوان وهو من جنسية تركية، أتى بشخصين من النصارى ليلقنهم الشيخ الشهادتين، وكان الموقف لا يوصف من روعته وروحانيته، وفي ختام كل دورة يقام حفل تكريم يوزع فيه شهادات الحضور والجوائز التكريمية للمسابقات المواكبة للدورة في حفظ بعض المتون العلمية، ولعل من طريف الحدث في وفاة سماحة الشيخ عبدالله، أن وفاته كانت في غضون انتهاء دورته العلمية والمقرر أن يكون فيها متواجداً، أيضاً صُلي عليه في الجامع الكبير الذي كان يؤمه ويقيم فيه حلقات علمية، وقد كان يؤمه بالنيابة عن الشيخ عبدالعزيز بن باز في حال غيابه يوم أن كان إماماً للجامع -رحمهما الله- وإليك ما يدل على جوانب علمه ودقته في فقه الإمام أحمد:
أولاً: قام - رحمه الله - بتحقيق كتاب شرح الزركشي على الخرقي في سبعة مجلدات، وقدم للكتاب مقدمة مفيدة جداً، يحيل إليها كثيراً الشيخ بكر أبو زيد - رحمه الله - في كتابه المفصل، مصدراً كل ما ينقله بقوله (قال العلامة ابن جبرين).
ثانياً: أشرف على طباعة وتصحيح كتاب حاشية الروض المربع لابن قاسم الحنبلي.
ثالثاً: كثيرة هي كتب المذهب التي قررها في دروسه على فترات، فمما قرره:
شرح منتهى الأردات - شرح الزركشي على الخرقي - العدة في شرح العمدة - عمدة الطالب - روضة الناظر في أصول الفقه - القواعد الفقهية لابن اللحام - القواعد الفقهية لابن سعدي - التسهيل - دليل الطالب - المغني.
وأما الكتب التي أتمها وأنهاها فمنها:
- الكافي - الروض المربع - زاد المستقنع - منار السبيل - أخصر المختصرات منهاج السالكين وجميع هذه الثلاثة الأخيرة فرغت من الأشرطة وطبعت.
رابعاً: أنه شرح كتباً في المذهب ليست مقررة في دروس كثير من المعاصرين، بل كان سبباً - رحمه الله- في طبع سنن سعيد بن منصور -رحمه الله- وهذا الكتاب مصدر مهم من مصادر كتب الحنابلة -رحمهم الله-.
خامساً: وكما أن الشيخ اعتنى بكتب المذهب في دروسه، فقد اعتنى بكتب الحديث وعلومه التي هي أساس الفقه، فالشيخ تقرأ عليه كثير من كتب الحديث الستة، مما له علاقة بالفقه الحنبلي ككتاب المنتقى في الأحكام للمجد ابن تيمية، والمحرر لابن عبدالهادي، أيضاً الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني، أيضاً سنن أبي داود وهو من الكتب المهمة لدى الحنابلة كيف لا ومؤلفه من أصحاب الإمام أحمد وإن المتأمل لسيرة سماحة الإمام عبدالله بن جبرين - رحمه الله - يجده مترسماً هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم، ومن أولئك الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- أقول هذا لما رأيت من سماحته من اهتمام وتحف عند قراءتي عليه للامية شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عند تحقيقي لها، كما أنه حضر وصلى على جنائزنا على جنازة أبناء العم أحمد بن محمد آل حيان والأستاذ زيد آل حليبة -رحمهما الله- وقلما يغفل السؤال عن حمولتنا ويخص ابن العم حامد - شفاه الله - الذي كان معه في الإفتاء إبان عضويته، غفر الله للشيخ ابن جبرين ورفع ذكره في المهديين (آمين).
 

 

خالد بن علي بن محمد الحيان
عضو دعوة في الشؤون الدينية للقوات البحرية وإمام وخطيب إسكان وزارة الداخلية
 

 
جريدة الجزيرة http://www.al-jazirah.com/104890/fe7.htm

 

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال