محمد عنان العرجاني : الفقيد الشيخ عبدالله بن جبرين

لقد فقدنا إماماً من الأئمة، وعلماً من أعلامها إماما في العلم، وإماماً في الدعوة وإماماً في الخُلُق، وإماماً في الجود.
 

هو البحر من أي النواحي أتيته     فلجته المعروف والجود ساحله
تراه إذا ما جئته متهللاً      كأنك تعطيه الذي أنت سائله


وإماماً في الزهد، وفي الورع وفي التقى.. يقول إبراهيم بن الأدهم:
 

إذا ما مات ذو علم وتقوى     فقد ثلمت في الإسلام ثلمة

لقد فقدنا الإمام الحجة الثبت والعلامة الفقيه ناصر السنة، الزاهد العابد والتقي الورع الشيخ عبدالله بن جبرين، رحمه الله رحمة واسعة وأدخله الله فسيح جناته.. اللهم اغفرله ولنا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
لم أره غاضباً ولا مقتصراً لنفسه قط، كما يقول أحد طلابه، بل كان شديد التواضع، فقد كان يقبل رؤوس طلابه ويأبى بإصرار أن يقبل رأسه. كان إيجابياً مع طلابه فلا يدخل اليأس إلى قلوبهم وكان لا يبالي بعدد الحضور، يقول أحد الطلاب: كنا نحضر ثلاثة، وأحياناً لا يحضر إلا واحد فيشرح كما لو كانوا جماعة من غير تذمر ولا ملل. ما أقوى الهمة.
ويقول أحد الدعاة: استضفت الشيخ ليلقي في مسجدي كلمة. يقول فقدمت له وأثنيت عليه. يقول فلما تكلم هذا العلم وهذا الإمام وهذا الجهبذ بدأ بكلمة فقال رداً على من أثنى عليه ورداً على من مدحه قال:
 

أنا العبد الذي كسب الذنوب     وصدته المنايا أن يتوب
أنا العبد الذي أضحى حزيناً     على زلاته قلقاً كئيباً
أنا العبد المسيء عصيت سراً   فمالي الآن لا أبدي النحيبا
أنا العبد المفرط عمري          فلم أرع الشيبة والمشيبا
 

لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله.
إذا كان يقول الشيخ هذا الكلام، فماذا نقول عن أنفسنا وعن تفريطنا وعن مصائبنا. يقول أحد طلابه له في الأسبوع عشرون درساً فسألوه هل تحضّر فقال لا يوجد عندي وقت للتحضير.. في رمضان الذين يزورونه في منزله أكثر من أربعمائة شخص يومياً بعد العصر فيشفع لهذا ويجيب على هذا، ويعطي الآخر وعمره ثمانون سنة شيخ كبير، يفعل هذه الأمور نعم.
 

وإذا كانت النفوس كبارا     تعبت في مرادها الأجسام

يقول الإمام أحمد الموعد يوم الجنائز، وعندما شيعنا هذا الإمام رأينا عشرات الآلاف من محبيه ومن طلابه ومن العلماء ومن الأمراء ومن الوزراء ومن السفراء، الأعين محمرة، والدموع تتقاطر والحزن مخيم على الجميع.
اللهم منّ علينا بالعلماء الناصحين، والفقهاء الصادقين، اللهم احفظ الأحياء، اللهم ارحم الأموات، اللهم ارحم الشيخ عبدالله الجبرين.
 

محمد عنان عرار العرجاني

الخرج ص ب 622
 

 

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال