سعود بن محمد الشويش : لمثله تبكي البواكي


لئن عاش مخلوق ما عاش من الدهر فإن الموت حتماً سيلاقيه سنة جارية في الخلق، ولئن عاش مخلوق ما عاش من الدهر فإن الموت سيطوي صورته... ولكن سيبقى أبد الدهر له ذكراً إن خلّف شيئاً يبقى.

برحيل الشيخ عبدالله بن جبرين – رحمه الله – تفقد الأمة علماً من أعلامها الأفذاذ، شيخ شب وشاب في طلب العلم ونشره.. قضى جل حياته معلماً للناس أمور دينهم، صادعاً بكلمة الحق في كل مكان.

لئن غابت صورة الشيخ الجليل أمام أعيننا و وارى الثرى جسده عنّا، فإن له إرثاً ضخماً من ذكريات حفرت في صخرة المجد نقشاً يصعب نسيانه أو الاستغناء عنه.

كان الشيخ الجليل – رحمه الله – علماً من أعلام السنة، وطوداً شامخاً في وجه أهل البدع والأهواء لا تأخذه في الله لومة لائم، اقتطع جزءً كبيراً من وقته للاحتساب والتعليم حتى بلغت دروسه في بعض الفترات أكثر من عشرين درساً في الأسبوع، وخمسة دروس في اليوم الواحد أحياناً.

إن رحيل أمثال هؤلاء العلماء – رحمهم الله – وإن كنا نرجوا أن ما عند الله خير لهم وأبقى - إن شاء الله - فإنه ليترك فراغاً كبيراً قلّ أن يسده أحد من معاصريهم.. ولئن تكفل الله بحفظ دينه فإن رحيلهم مؤذن بظهور طائفة هي أقل علماً منهم كما ثبت في الحديث " إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"

فهو من العلماء القلائل الذين بذلوا وقتهم وجهدهم وجاههم لخدمة الدين والعلم والسعي في حاجات الناس، ولم يسع يوماً ليشهر نفسه أو يتصدّر المنابر ليظهر صوته، بل أتته الشهرة وظهر صوته بما حمل من علم وتقوى – نحسبه كذلك و لا نزكيه على الله –

إن تناقل خبر مرض الشيخ ثم نبأ وفاته – رحمه الله – بين الناس وعلى الانترنت ليبين منزلته في قلوبهم ومكانته في نفوسهم ومقدار الحب الذي يحظى به بينهم، والتي يمكن أن تكون مصداقاً للحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه قال فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض.

وقد قال العلماء معنى ( يوضع له القبول في الأرض ) أي الحب في قلوب الناس، ورضاهم عنه، فتميل إليه القلوب، وترضى عنه. وقد جاء في رواية ( فتوضع له المحبة ). نحسب الشيخ رحمه الله كذلك، ولا نزكيه على الله.

حقاً على الشيخ الجليل رحمه الله وأمثاله فلتبك البواكي

لعمرك مالرزية فقد مال   ولا فرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر        يموت بموته خلق كثير

وقفة:

وسائل الإعلام المختلفة التي تدّعي الحرية، وتدعي قبول الآخر هي على المحك الآن، قد أصمت آذننا وأعيت أعيننا بالحديث عن المغني مايكل جاكسون، وقطعت برامجها لتبث بثاً مباشراً نبأ موته، ثم نقل جنازته ودفنه.

هل يمكن لتلك الوسائل الإعلامية أن تعطي الشيخ الجليل جزءً من وقتها أو شيئاً من برامجها؟؟

 

سعود بن محمد الشويش

http://www.al-resalah.net/Nithar/det...Channel=Nithar

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال