العربي بن زغلول الدسوقي : كسر لايجبر وثلمة لاتسد

كسر لا يجبر وثلمة لا تسد
وفاة شيخنا العلامة ابن جبرين رحمه الله
العربي بن زغلول الدسوقي


الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مقدرِ الأقدار، مصرفِ الأمور، مُكَوِّر الليل على النهار، تذكرةً لأولي القلوب والأبصار، وتبصرة لذوي الألباب والاعتبار.
الذي أيقظ من خلقه مَن اصطفاه فأدخلهم في جملة الأخيار، ووفق من اجتباه من عبيده فجعله من المقربين الأبرار، وبصّر من أحبه فزهدهم في هذه الدار، فاجتهدوا في مرضاته والتأهب لدار القرار، واجتنابِ ما يسخطه والحذر من عذاب النار، وأخذوا أنفسهم بالجد في طاعته وملازمة ذكره بالعشي والإبكار، وعند تغاير الأحوال، وجميع آناء الليل والنهار، فاستنارت قلوبهم بلوامع الأنوار. أحمده أبلغ الحمد على جميع نعمه، وأسأله المزيد من فضله وكرمه. وأشهد أن لا إله إلا الله العظيم، الواحد الأحد الصمد العزيز الحكيم
كثيرة هي الفواجع والمصائب في هذه الحياة الدنيا، وأكثر هذه الفواجع وآلمها موت العلماء، تلك المصيبة التي تتعدى آثارها بيت الفقيد وأهله وصحبه، لتصل إلى آماد بعيدة في الأمة عامة. وفي أحيان كثيرة يقف المرء مشدوهاً أمام هذه المصائب ولربما حاول استبعادها من شدة وقعها لأول وهلة، إذ يفزع الإنسان في لحظة ما إلى آمال حبيسة في نفسه سرعان ما تجيش لتتحكم في سلوكياته، وهذا ما عبّر عنه أبو الطيب المتنبي حينما بلغه خبر موت من كان مولعاً بحبها فما أن وصله الخبر حتى قال:

طوى الجزيرة حتى جاءني خبر* فزعت فيه بآمالي إلى الكذب

وهذا الذي كان عندما سمعت بموت شيخنا العالم الكبير الحبر البحر العلامة الفقية
الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله رحمة واسعة
ولا شك أن موت العلماء كسر لا يجبر وثلمة لا تسد ، ذلك أن العلم يموت بموت حامليه .
قال محمد بن الحسين : إذا مات العلماء تحير الناس ودرس العلم بموتهم وظهر الجهل ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، مصيبة ما أعظمها على المسلمين .
قال ابن عبد البر رحمه الله : أنشدني احمد بن عمر بن عبد الله في قصيدة له :

وذهاب العلم عنا………في ذهاب العلماء
فهم أركان دين الـ………ـله في الأرض الفضاء
فجزاهم ربهم عنـ ……ـا بمحمود الجزاء

وقال آخر :

تعلم ما الرزية فقد مال……ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حبر………يموت بموته خلق كثير

ولكن الله تعالى برحمته وطوله وقوته وحوله ، ضمن بقاء طائفة من هذه الأمة على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، أولئك هم الأقلون عدداً ، الأعظمون عند الله قدراً ، قال ( : " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس " . وفي رواية : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة " .
نسأل الله أن يتغمد شيخنا برحمته وأن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، وأن يجزيه عن الأمة خير الجزاء والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، فاللهم اخلفه في عقبه واجعله في عليين واخلف الأمة خيراً في مصيبتها أمين


وكتبه
أبو عبد الرحمن
العربي بن زغلول الدسوقي

أضف تعليق

جاري ارسال التعليق
تم ارسال التعليق
فشل فالإرسال