ننعى إلى العالم الاسلامي العلامة الفقيه الشيخ عبدالله بن جبرين الذي وافاه الاجل في الرياض مساء الأحد الماضي نسأل الله ان يتقبله بواسع رحمته وان يخلف على الامة من تلاميذه من يخدم الشريعة السمحة ويرفع لواء القرآن والسنة الشريفة.
وقد جاء في الحديث «ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء»، وقد فقدت الامة بوفاته رجلا فاضلا من رجال الدعوة والحق عرف بعلمه الغزير واقباله على العلم والتعليم وعرف بخلقه الجم وتواضعه للناس ولطلبة العلم، وعرف ابن جبرين رحمه الله بانتهاجه نهج السلف الصالح في القول والعمل فكان مثالا للعالم العامل والعابد الزاهد والمتابع المهتم بقضايا الامة وهمومها، نسأل الله ان يجعل علمه ودعوته وخدمته للعلم الشرعي على مدى عقود من الزمن في ميزان حسناته، وان يجمعنا به وبالصالحين في مستقر رحمته.
ولد الشيخ عبدالله بن جبرين سنة 1352 هـ (1932) في احدى قرى منطقة «القويعية» غربي الرياض، وقد اقبل منذ طفولته على التعلم على على الرغم من قلة وضعف عدد المدارس المتوافرة آنذاك، فحفظ القرآن ودرس العربية والنحو ومبادئ الحديث الشريف وكان والده رحمه الله اول شيوخه ثم درس عند الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشتري المعروف بابي حبيب فقرأ عليه كتب الحديث ابتداء بصحيح مسلم ثم بصحيح البخاري ثم مختصر سنن ابي داود وبعض سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي.
وفي عام ألف وثلاثمائة واربعة وسبعين للهجرة (1953) انتقل مع شيخه ابي حبيب الى العاصمة الرياض فدرس في معهد إمام الدعوة العلمي ثم في معهد القضاء العالي الذي حصل فيه على شهادة الماجستير ثم في كلية الشريعة بالرياض وفيها حصل على الدكتوراه في عام 1407هـ بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وأثناء هذه المدة وقبلها كان يقرأ على أكابر العلماء ويحضر حلقاتهم ويناقشهم.
تعلم ابن جبرين عقيدة أهل السنة والجماعة التي تلقاها عن الآباء والاجداد والمشايخ العلماء المخلصين والسلف الصالح وأساسها كتاب الله عز وجل وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وكانت دراسته الفقهية ومشايخه الذين درس عليهم الفقه متخصصين في مذهب أحمد بن حنبل، وكان ابن جبرين رحمه الله شديد العناية بالادلة والتعليلات وله معرفة تامة بالمعاملات المتجددة ويتوسع في الكلام حولها وقد استفاد منه كثيرا، وكان يتوسع في الشرح وذكر المسائل الخلافية ويحرص على الجمع والترجيح.
شارك ابن جبرين في مهام دعوية وعلمية كثيرة داخل السعودية وخارجها، منها الدعوة في مناطق البادية شمال السعودية عام 1380هـ (1960) إذ كان أغلب السكان من البوادي عاشوا في جهل عميق فهم لا يعرفون الا اسم الاسلام والصلاة والصيام ونحو ذلك ويجهلون الواجبات وما تصح به العبادات ويقعون في الكثير من وسائل الشرك، ثم عين مدرسا في معهد إمام الدعوة في شعبان عام 1381هـ إلى عام 1395هـ ثم في عام 1395هـ انتقل الى كلية الشريعة بالرياض وتولى التدريس فيها وفي عام 1402هـ انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد، وكان ابن جبرين ايضا إماما لعدد من الجوامع يخطب فيها الجمعة ويقيم الحلقات العلمية بأنواعها.
د. وليد الطبطبائي
http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?tabid=164&article_id=522317&AuthorID=829