منذ أيام فقدت أمة محمد صلى الله عليه وسلم علماً من أعلامها ألا وهو: الشيخ العالم العلامة الزاهد المحتسب الذي حرص الكثير من طلبة العلم على ملازمته والأخذ عنه فاستفادوا من علمه وسمته الشيء الكثير، إنه الشيخ عبدالله بن جبرين الذي ولد في سنة تسعة وأربعين وثلاثمئة وألف من الهجرة ونشأ في قرية الرين ومحيرقة وقرأ القرآن وتعلم العلم على والده وعلى عمه إمام جامع المحيرقة الشيخ سعد بن عبدالله بن جبرين بن فهد وعلى قاضي الرين الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري وكان في بداية طلبه للعلم بداية نبوغ العالم الكبير في السنة العاشرة من عمره وانكبابه على العلم والمذاكرة والاطلاع حتى صار الأول بين زملائه في عهد شيخه الكبير محمد بن إبراهيم فهو أعطى وقته كله للعلم فوصل بإذن ربه عز وجل إلى ما وصل إليه.
وطلب العلم في زمن الشيخ كان من الصعوبة بمكان وقد تحمل الشيخ في ذلك مشقة عظيمة إذ كان يسافر من بلد لآخر مشياً على الأقدام وتحدث الشيخ رحمه الله عن ذلك حيث قال: سافرت إلى بلدة محيرقة سنوياً وقت الصيف للقراءة على إمام جامع محيرقة سعد بن عبدالله بن جبرين وبالأخص في القرآن الكريم وكانت المسافة بين الرين ومحيرقة 65 كيلو متراً، وكان يذهب أيضاً للعالم الكبير صالح بن مطلق رحمه الله وكان إماماً في إحدى قرى الرين والاستفادة منه يوماً أو نصف يوم وهي تبعد عن قرية الشيخ ثمانية كيلو مترات وكان يقطعها في ساعتين تقريباً.
وقد أنابه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله لكي يدرس في الجامع الكبير كما أنابه بالإمامة عنه إذا غاب الشيخ. وباب منزل الشيخ مفتوح للناس لقضاء حوائجهم والشيخ كان أكثر العلماء بذلاً للعلم فتجده مثلاً يشرح كتباً عديدة تصل أحياناً إلى عشرة أو تزيد في مجلس واحد، ولو حسبت الكتب التي تقرأ عليه في أسبوع لوجدتها أكثر من خمسين كتاباً.
حتى ذكر أحد طلبة العلم أن الشيخ يشرح أكثر من 14 كتاباً فقهياً في الأسبوع. أما في الإجازة الصيفية فتقام للشيخ دورة صيفية في مسجده غير دورة شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرها وبعد ذلك يقوم برحلات على مناطق المملكة لإقامة الدروس لأكثر من 30 بلدة أو محافظة.
الشيخ توجد فيه ميزة عجيبة وهي كتابة المقدمات على الكتب التي قام بشرحها تظهر شخصية الشيخ وترى فيها التوحيد الخالص الكامل.
قول أحد المناقشين له عند المناقشة على الزركشي على مختصر الخرقي لو ما كان من خدمة للإسلام إلا هذا الكتاب لكفى الشيخ؟ وللشيخ أيضاً دور في حاشية الروض المربع وأيضاً فتاوى شيخ الإسلام.
يعرف الشيخ ابن جبرين رحمه الله بتواضعه الكبير فهو دائماً صامت قليل الكلام لا يتكلم إلا إذا سأل عن مسألة وإذا خالفه أحد العلماء في مسألة فإنه يقول: فلان عالم ويحترم علمه ولا يعنف عليه في الرد.
رحم الله شيخنا وجميع أئمة المسلمين وعلمائهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
حمد عبدالكريم العبدالكريم
http://www.al-jazirah.com/2490212/rj13.htm