أكتب عن وفاة شيخنا الفاضل العلامة الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، وأنا لست في مقام الكتابة عن عملاق في قامته العلمية وميراثه العلمي والسلوكي الذي يظل شاهدا على بقائه في ذاكرة طلابه ومحبيه - يرحمه الله -، فالعالم يخلد بعلمه ودعوته ومؤلفاته رغم موته البيولوجي فتلك سنة الحياة على البشر. وما زال صوته يتردد في مسمعي عندما تلقيت مثل غيري خبر وفاته - يرحمه الله - بعد أن تابعنا جميعا أخبار مرضه وسفره للعلاج ثم عودته إلى الرياض ليلقى وجه ربه فيها.
صوته الذي يردد: (إن الله كتب الموت على الصغير والكبير، والشريف والطريف، والعالم والجاهل، ولكن لا شك أن موت العلماء مصيبة كبيرة، لأن بفقدهم يفقد العلم الذي هو ميراث الأنبياء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق العلماء اتخذ الناس رؤوسا جهالا فيسألوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ).
هذه العبارات تحمل في طياتها منهاجا لنا - محبيه - ماذا يجب علينا أن نعمل كي نبقي هذا العلم الذي قدمه وتميز فيه، وهذا التاريخ الذي يحمله كل محب له وكل طالب علم سواء داخل الوطن أو خارجه، فمن قرأ ما كتب في موقع «لجينيات» أو في «الاقتصادية» أو سواها من مقالات في جميع الصحف لدينا، عن هذا العلامة المبدع الذي تميز بخصائص العلماء من التواضع، والزهد، والترفق مع المحتاجين من طلابه دون علمهم، فقد كان هناك إجماع على تميز هذا الشيخ الدقيق في المظهر العملاق في الفكر وفي الفتوى. وكما ذكر عنه الدكتور يوسف القاسم في مقالته: (خصم العلامة ابن جبرين وقاتل مروة وجهان لعملة واحدة) المنشورة في «الاقتصادية» في عددها 5757 يوم الخميس 23/7/1430هـ. الموافق 16 تموز (يوليو) 2009: (أنه له جلد في طلب العلم, وتحصيله, ثم في تعليمه, وبذله لطلابه, حتى إنه من أكثر مشايخ هذه البلاد دروسا في المساجد, حيث كان يُقْرأ عليه في الأسبوع الواحد أكثر من 40 كتابا, وفي علوم متنوعة. ومن حرصه على العلم وتحصيله أنه كثيراً ما كان يتردد على أهل العلم, ويتودد إليهم, ويتواضع لهم)، ومصداقا لهذه العبارات ما نشاهده من حضوره لجلسات العلم لمن هم أصغر منه عمرا وربما كانوا من طلبته، يتم بثها على بعض القنوات!
الموت حق، ولكن موت العلماء مصيبة. نعم فعندما نقرأ في سير السلف الصالح وفي سير العلماء يمتلك قلوبنا الحزن عندما نقرأ أنَّ عالماً من العلماء قد غادرنا وفي هذه المرحلة المهمة من المتغيرات الاجتماعية والفكرية تعصف بالعالم الإسلامي وليس الوطن فحسب، والتي تتطلب حكمة هؤلاء وعلمهم ومجاهرتهم بالحق.
والشيخ عبد الله بن جبرين هو النموذج والقدوة فقد كانت فتاواه محل حفاوة وقبول لدى الجميع إلا من ران على قلوبهم، وكان يتمتع بالمصداقية والجرأة في الحق كما هي في صدق اللهجة، لا يخشى في الله لومه لائم, ولهذا كان جبلا شامخا لمن يلجأ إليه مستفتيا أو طالبا النصح أو المساعدة لتقويم اعوجاج اجتماعي بدا يطفو على سلوكيات وفكر البعض.
وكما نشر عنه أنه لم يتميز عن الآخرين بالرسوخ فقط أو بالتواضع فقط أو بالقلب السليم فقط. بل أيضا تميز - رحمه الله - بأنه يستعذب النصب والتعب في تبليغ العلم وتعليمه لذا ما صبر أحد حوله مثل صبره.
وكان زاهدا لم يستثمر علمه في زيادة أرصدته! بل كان علمه كالهواء متاحا للجميع دون استثناء.
رحل عنا الشيخ الفاضل الدكتور عبد الله بن جبرين وترك ثغرته كما تركها سابقا علماؤنا الذين مازلنا نشعر بفقدهم وببقائهم في الوقت نفسه كالشيخ العلامة عبد العزيز بن باز - يرحمه الله - والشيخ محمد بن عثيمين - يرحمه الله، أولئك الراحلون إلى جنات النعيم - بإذن الله -, لكننا لن نؤتى من قبلها فلقد حصنوها بالتوحيد وسوروها بالعقيدة الصافية. وماتوا مثلما مات الأنبياء والصالحون ولكن ستبقى أجيال تنهل من علومهم ومعارفهم وأفكارهم وتراثهم.
السؤال هنا ماذا يجب علينا أن نعمل كي نبقي هذا الضوء والمشعل الذي حملوه مشعا لا يخمد؟
كيف نعلم أبناءنا هذه الأبجديات الأخلاقية التي يتحدث عنها طلابهم؟
ما قرأنا عن الشيخ عبد الله بن جبرين من التواضع وحب العلم، والزهد، وسعة الاطلاع، والدأب على طلب العلم، ونشر الدعوة، وسواها من قضايا هي الآن تدرس في دورات (تطوير الذات) علي سبيل المثال ويسترشدون بنماذج من الناجحين في الغرب في التجارة. فلماذا لا نحول نحن هنا هذا التاريخ المضيء للشيخ ابن جبرين إلى قصص صغيرة نعلمها أطفالنا ونسهم بها في إثراء المحاضرات، ودروس طلبة العلم؟
دعونا نحافظ على هذا العلم ونستحضر هذه الصدور النقية التي حملت أمانة الاستخلاف كما هي شروطها. ولا تتوقف سطورنا ونعينا أو بثنا محبتنا لهم عند مقالات تنشر وعبارات تسطر أو برامج تلفازية تبث ثم تصبح في الأرشيف.
بالطبع (موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار). كما نقل عن علي وابن مسعود، ولكن دعونا نجتهد أن نؤكد وحدتنا فكريا كما هي مطلوبة عمليا. وأن نتحمل مسؤوليتنا الاستخلافية بالاجتهاد في الحفاظ على هذا الميراث، كي نبقي شعاع الضوء عاليا في سمائنا نحن المسلمين. وألا يتحقق فينا: (قيل لسعيد بن جبير ما علامة هلاك الناس: قال: إذا هلك علماؤهم).
** رحم الله شيخنا الوالد الفاضل الدكتور عبد الله بن جبرين، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وجمعنا به مع رسولنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وأصحابه الأخيار.
*** اتكاءة الحرف:
من شعر صالح بن علي العمري في رثاء الشيخ ابن جبرين
رحلــت يا أمــة عن أمــةٍ فجعــــت عليك.. من ذا يـداوي جرحهـا النزفــا
ملكتهــا بالهـــدى علمــا وتزكيـــة ً فملّكتــك المـآقـي رفعــة ووفـــــا
كم عالــمٍ قامـــت الدنيـــا بهمّتـــه وقد يعــزّ عليهـا أن تـــرى خلفــــا
عليك مني ســـلام ٌ عاطــرٌ وكِــفٌ ما أشرق النور في الدنيا وما كسفــا
--------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
فقد الوطن بل العالم الاسلامي للعلماء هو ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار, كما ذكرت اعلاه , ولكن لأننا في مرحلة الغريزة التي تحدث عنها علماء دراسة المجتمعات والحضارات مثل ابن خلدون ومالك بن نبي , وهي المرحلة التي تتحكم فيه الغريزة وهوي النفس علي أفكار وسولوكيات الناس ,, للهذا وجدنا العويل في قنواتنا التي نقول عليها تجاوزا انها قنوات تبث من مجتمعات عربية واسلامية !! العويل لأغتيال سوزان التميمي ومارافق ذلك من فضائح تقشعر لها أبدان الفضلاء
------------------
وأيضا رافق موت مايكل جاكسون الرجل الذي عاش حياته رافضا للونه وطبقته العرقية !!وعيش في منتصف الحد بين الذكورة والأنوثة !! هؤلاء وامثالهم كثر تهتز من اجلهم ذبذبات البث الفضائي الذي للسف تم تسخيره لأنسلاخ أمتنا وشبابنا المسلم علي وجه الخصوص من هويته وعقيدته , والعمل علي أحراقه في مزبلة الفنانين والراقصات !!
لكن رغم هذا أحمد الله ان هناك أمثال الأبنة شادية المطيري التي أجابت علي من يتساءل عن مؤلفات العلامة بن جبرين يرحمه الله .وهي صغيرة السن لكن لديها وعيا بكونها مسلمة
-------------------------
يتعدي ما لدي العديد من المصفقين من الذكور وراء الفن والفنانين ومن يتم تمجيدهم ليلا ونهارا في قنواتنا للأسف !!
وكنت اتوقع ان يكون هناك احتفاء بهؤلاء العلماء في الفعاليات الثقافية التي تقام في الطائف الآن بدلا من العودة للماضي للحفر في شعراء الجاهلية !!
أو ما تم الغائه ولله الحمد من مايقال أنه مهرجان للسينما يتم فيه استضافة افلام من عشرين دولة ويدعون المخرجين وربما بعض الممثلين كي يشاركوا في مهرجانات لاتسمن ولاتغني من جوع !! بل بالعكس هي موبقات في أرض مقدسة وفي مدينة لاتبعد عن مهد الرسالة الا لاتبعد عنها الا ب75 كيلو !!
اسأل الله ان يرحم العالم العلامة الشيخ ابن جبرين ويسكنه فسيح جناته والفردوس الأعلي منها وان يعوضنا في مصابنا فيه خيرا وأن يهدي ضالنا ويعيده الي الصواب .
د.نورة خالد السعد
http://www.aleqt.com/2009/07/23/article_255222.html